مازالت تحكي ؟
تمر معها سنواتي العمر. تكذب لو سألوها عن عمرها. تحكي لهم عن عودته من سيناء منتشيا بالنصر وتقص عليهم كما اخبرها .عن غنائم الموقع الذي طهره هو ورفاقه عندما تحكي يفيض دمع عينها مبللا حواف شفتيها التي طالما تحركهما مستنكره حال الذين يفتحون أفواههم حولها مستغربين و مستغرقين في سماع رواياتها التي تكررها كلما مرت بهم .
كانت تقول وتشخص حالته وهو يقفز في الهواء مقلده حركات الجنود. يدوسون مواقع العدو غير عابئين بالخطر مهللين في كل ركن ومبسملين. كانت عند التشخيص ترفع يدها عاليا كأنها تحمل العلم. أو تدفع جسدها للامام دافعه عدوا وهميا التصق بوجهها .
تندمج .وتحمر أرنبه انفها . عندما تنتهي من كلامها لا تجد حولها إلا أطفال الشارع ممسكين بثوبها .
.كملي قولي صلاح عمل إيه مع ولاد الكلب؟ .
تضحك وهي ترشدهم إلي موطن لم يسمعوا به من قبل.
عارفين ياولاد الدبابة؟
.ايوه يا عربيه .
صلاح ابن منصور كسر منها 20 دبابة. كان بيجيبلي الطلقات الفاضيه في شنطته. أشي اصفر .أشي اسود. كنت برصهم تحت السرير واتمم عليهم .واعمل علامة عليهم بأسم كل مكان .
دي م القنطرة دي من الرميله. دي من الممر .
... إذا شردت لا ينبهها إلا صوت القطار عابرا إلي القناطر الخيرية .تلقي بصرها علي شباكه ذي المغاليق السوداء. توهم نفسها انه يركب فيه. بعد دقائق يكون في محطة الضواحي .ينزل من العربة الاخيره حاملا المخلة يرفعها بيد واحده يضعها علي كتفه الأيسر يعبر فلنكات السكة الحديد باتجاه جزيرة الشعير .يعلم أنها علي الطريق تنتظر.بالذكريات .تزهو بها. يبدو البريق في عينيها قد خبا .لما امتدت يدها تساعده في رفع أوراق ملفه الأصفر كان متضخما يحوي أشعات وتحاليل جمدت من طول وضعها .احتارت في فهم ما يقوله الطبيب وهو يحكي لها عن كبده المصاب والضمور الذي أصابه .اتكأ عليها بجسده المتهدل. اصفرار العين يبدو للعيان ولون الجلد اقرب للسواد منتفخ البطن .يسحب قدمه ببطء متكأ علي جسدها .تمسح بطرف جلبابها عينيها من غزاره الدمع .ينظر صامتا إليها تخبره أن الهاموش التصق بعينها .يربت علي كتفها بيده اليسري .
تذكر كل التفاصيل .عند مرقده منعوها رجال القرية من أن تلحق بهم وصلت للمدافن بعد أن اغلقو قبره. ظلت تهمس لطين القبو ألا يجف. فقد جفت دمائه في الرمال ولم يذكره احد. ظلت تبكي بالجوار حتى طل الليل عليها. انطفأت الأنوار . بدا صوت العواء عاليا في السكون يدمي الفراغ. نبهها أخوها وحمل حذائها بيد وجذبها باليد الاخري. يلا يا أختي نروح. تمايل جسدها الضعيف بين يديه التقطها قبل أن تسقط. ملئت عينيها من وجهه. ابتسمت وأغمضتهما علي ابتسامه حجرت دموعه في مقلتيه.. ضم وجهها بين رأسه وكتفه وبكي طويلا ..
***
محمد مصطفي الهلالي
كانت تقول وتشخص حالته وهو يقفز في الهواء مقلده حركات الجنود. يدوسون مواقع العدو غير عابئين بالخطر مهللين في كل ركن ومبسملين. كانت عند التشخيص ترفع يدها عاليا كأنها تحمل العلم. أو تدفع جسدها للامام دافعه عدوا وهميا التصق بوجهها .
تندمج .وتحمر أرنبه انفها . عندما تنتهي من كلامها لا تجد حولها إلا أطفال الشارع ممسكين بثوبها .
.كملي قولي صلاح عمل إيه مع ولاد الكلب؟ .
تضحك وهي ترشدهم إلي موطن لم يسمعوا به من قبل.
عارفين ياولاد الدبابة؟
.ايوه يا عربيه .
صلاح ابن منصور كسر منها 20 دبابة. كان بيجيبلي الطلقات الفاضيه في شنطته. أشي اصفر .أشي اسود. كنت برصهم تحت السرير واتمم عليهم .واعمل علامة عليهم بأسم كل مكان .
دي م القنطرة دي من الرميله. دي من الممر .
... إذا شردت لا ينبهها إلا صوت القطار عابرا إلي القناطر الخيرية .تلقي بصرها علي شباكه ذي المغاليق السوداء. توهم نفسها انه يركب فيه. بعد دقائق يكون في محطة الضواحي .ينزل من العربة الاخيره حاملا المخلة يرفعها بيد واحده يضعها علي كتفه الأيسر يعبر فلنكات السكة الحديد باتجاه جزيرة الشعير .يعلم أنها علي الطريق تنتظر.بالذكريات .تزهو بها. يبدو البريق في عينيها قد خبا .لما امتدت يدها تساعده في رفع أوراق ملفه الأصفر كان متضخما يحوي أشعات وتحاليل جمدت من طول وضعها .احتارت في فهم ما يقوله الطبيب وهو يحكي لها عن كبده المصاب والضمور الذي أصابه .اتكأ عليها بجسده المتهدل. اصفرار العين يبدو للعيان ولون الجلد اقرب للسواد منتفخ البطن .يسحب قدمه ببطء متكأ علي جسدها .تمسح بطرف جلبابها عينيها من غزاره الدمع .ينظر صامتا إليها تخبره أن الهاموش التصق بعينها .يربت علي كتفها بيده اليسري .
تذكر كل التفاصيل .عند مرقده منعوها رجال القرية من أن تلحق بهم وصلت للمدافن بعد أن اغلقو قبره. ظلت تهمس لطين القبو ألا يجف. فقد جفت دمائه في الرمال ولم يذكره احد. ظلت تبكي بالجوار حتى طل الليل عليها. انطفأت الأنوار . بدا صوت العواء عاليا في السكون يدمي الفراغ. نبهها أخوها وحمل حذائها بيد وجذبها باليد الاخري. يلا يا أختي نروح. تمايل جسدها الضعيف بين يديه التقطها قبل أن تسقط. ملئت عينيها من وجهه. ابتسمت وأغمضتهما علي ابتسامه حجرت دموعه في مقلتيه.. ضم وجهها بين رأسه وكتفه وبكي طويلا ..
***
محمد مصطفي الهلالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق